الرئيسية » دكتور محمود عطيه يكتب : رداءة ما نعيشه كرها..!

دكتور محمود عطيه يكتب : رداءة ما نعيشه كرها..!

by Global Econome

كل خميس :

بقلم :  د.محمود عطية

ليس اكتشافا أن الأسواق دائما تعج بسلع تناسب أذواق معاصريها من البشر..والإنسان أثير ما يحب ويشتهى..فلا يمكن مثلا طرح سلع فى الأسواق لا تناسب ناسها أو عصرها وألا بارت السلع وانصرف عنهم المشترون وأفلس التجار.. وهناك من يزيد على ذلك قائلا: بأن من لا تعجبه السلع لا أحد يجبره أن يشتريها وعليه البحث عما يناسب ذوقه وطبيعته.

وتطبق القاعدة السابقة أيضا على سوق الغناء مثلا.. فقد امتلأ ببضاعة تسمى موسيقى وغنا المهرجانات والراب أخيرا.. وليس غريبا أن تجد تلك الخزعبلات الموسيقية والغنائية لها زبونا أقصد مستمعا وهم كثر.. وليس فى المناطق الشعبية فقط كما يدعى البعض بل فى أرقى المناطق السياحية والفنادق والأندية والأفراح تجد موسيقى وغناء المهرجانات والراب صاحبة الكلمات التى لا تعرف لها معنى ولا مغزى وكأنك فى “زار بلدى”.

وخزعبلات الراب والمهرجانات وجدت مستمعا وعاشقا تم إعداده على مهل بداية من تراخى وجهل العديد من الأسر بتربية أبنائها وتركه لآليات السوق التى اجتهدت بلا كلل ولا ملل فى تعليب و”تغريب” عقول وأذواق الشباب بمساعدة تنوع المؤسسات التعليمية” دينية ومحلية ودولية” وكل له برنامج خاص وتفرز لنا خريجين مختلفى الأهواء والانتماءات مع غياب تام للتعليم الحكومى ولا نجد له اثرا سوى بعض الأخبار فى الصحف وبعض وسائل الإعلام التى تتخيل أن الحكومة مازال لها سيطرة على سوق التعليم واعداد النشء الذى تركته للسناتر والدروس..!

من هنا وحسب خطة افشال التعليم بات من السهل أن يصبح للفن الردىء زبائن مستعدين لسماع أى شىء وكل شىء دون فرز فى ظل غياب الذوق الناقد لديهم ودور غير مؤثر للتعليم ومؤسسات الدولة مثل قصور الثقافة أو لوزارة ثقافة لا نشعر بوقع أقدامها على أرض الثقافة.. اللهم بعض المهرجانات التكريمات.

والهيئة التى يبدو عليها الشارع المصرى من غياب شكل حضارى يتسع للنشاطات الإنسانية المنظمة يترك انطباعا بأن كل شىء مباحا..بداية من سرقة الأرصفة لصالح رواد المقاهى إلى سيطرة السايس على ما تبقى من الرصيف.. وتغول مركبات أشبه بالخنفساء المتحركة”توك توك” يقودها أطفال دون العاشرة بلا رخصة قيادة أو مركبة ويساندها فى ذلك الميكروباصات التى بات يعتمد عليها الكثيرون يخضعون لأوامر الفتوة التى يقودها.. وباتت تلك المركبات بوق دعائى لموسيقى زاعقة تنشر تلوث سمعى لا راد لقضائه.
فلا ننتظر وسط هذا الفارغ التعليمى والثقافى وهرجلة الشارع سوى موسيقى راب ومهرجانات وعقول تشكو الفراغ..وما أثار العجب يوما أن نقيب موسيقين سابق تصور أن منع تصاريح الغناء للمهرجانات ينهيها..كأنه لا يقرأ التاريخ ليدرك أن أسلوب المنع باء بالفشل على مر العصور..!

فما بالك ونحن فى القرن الواحد والعشرين ووسائل التواصل الاجتماعى باتت ملكا للجميع تلبى رغباتهم وتأخذ منهم ويأخذون منها ولا منع ولا حرج وفيها كل شىء من يغنى مهرجانات وغير مهرجانات ومتاح لأى فرد الاستماع إليهم ولا تملك قوة فى الأرض الوقوف أمام التطور المذهل فى وسائل الاتصال وما تبثه من غث وسمن..!

وخزعبلات الراب والمهرجانات نبت طبيعى لآليات السوق وإفراز طبيعي لبيئة تخطت كل الخطوط الحمراء حتى يغنى للخمور والحشيش ويصل على التريند مستويات لم يصلها مغنون لهم سنوات طويلة فى الغناء..ولم يعد اسم المغنى يصل للأذن كنغمه موسيقية ..لاحظ حاليا أسماء مغنى الراب والمهرجانات معظمها تبدو صادمة للأذن !
لا نجاة لنا سوى باهتمام الحكومات بصناعة الثقافة عبر وسائلها المختلفة وعودة دور المدرسة والفنون الراقية المختلفة للارتقاء بذوق الناس..بذلك نحجم الفن الهابط سواء مهرجانات أو أشباه مهرجانات من المدعين.

You may also like