صندوق النقد الدولى يحذر: لبنان فى مفترق طرق خطير والخسائر تخطت 70 مليار دولار

حذر صندوق النقد الدولي، اليوم، من الخطورة البالغة التي وصلت إليها الأوضاع في لبنان بعد مرور عام على تعهده بإصلاحات لم يتم تطبيقها حتى الآن، داعيا الحكومة اللبنانية إلى التوقف عن الاقتراض من البنك المركزي.

وحذر الصندوق من مفترق الطرق الدقيق الذى وصل اليه لبنان .

وقال إرنستو ريجو رئيس بعثة الصندوق، خلال مؤتمر صحفي، إنه على السلطات تسريع تنفيذ اشتراطات الصندوق للحصول على حزمة إنقاذ قيمتها ثلاثة مليارات دولار، مضيفا “كنا نتوقع المزيد فيما يتعلق بتطبيق وإقرار التشريعات المتعلقة بالإصلاحات المطلوبة.. لكن التقدم بطيء للغاية في هذا الصدد”.

وأوضح أن “لبنان في وضع خطير للغاية”، متابعا قوله “على مر السنين، كانت الحكومة تقترض من البنك المركزي ليس فقط في الماضي ولكن أيضا في الأشهر القليلة الماضية، وهو أمر أوصينا بوقفه.. لذلك نشدد على أنه لا فائدة من مزيد الاقتراض من البنك المركزي”.

كما ذكر “يكفي أن نقول إن الخسارة كبيرة للغاية بحيث لا بد للأسف أن يكون هناك توزيع للخسائر بين الحكومة والبنوك والمودعين”، لكنه شدد على أن صندوق النقد “لن ينسحب أبدا من جهود مساعدة دولة عضو، وليس هناك موعد نهائي للبنان لتنفيذ الإصلاحات”.

ووقع لبنان اتفاقا على مستوى الخبراء مع صندوق النقد قبل نحو عام لكنه لم يف بالشروط اللازمة للحصول على البرنامج بأكمله الذي يعد ضروريا لتعافي اقتصاده من إحدى أسوأ الأزمات المالية في العالم.

وحذر صندوق النقد في بيان مكتوب بعد تصريحات ريجو من أن لبنان “سيغرق في أزمة لا تنتهي” في حال عدم تنفيذ إصلاحات سريعة.

كما أصيب الاقتصاد بالشلل جراء انهيار العملة التي فقدت نحو 98 بالمئة من قيمتها أمام الدولار منذ 2019، مما ساهم في ارتفاع كبير لمستويات التضخم والفقر والهجرة إلى الخارج، في وقت تقدر الحكومة إجمالي الخسائر في النظام المالي بأكثر من 70 مليار دولار، معظمها مستحقة لمصرف لبنان.

قامت بعثة من صندوق النقد الدولي بزيارة إلى العاصمة اللبنانية بيروت في الفترة من 15-23 مارس 2023 لإجراء مشاورات المادة الرابعة وتقييم الوضع الاقتصادي ومناقشة أولويات السياسات.

إن لبنان حالياً على مفترق دقيق حيث بقي على مدى أكثر من ثلاث سنوات يواجه أزمة منقطعة النظير، حيث أدى التخلخل الاقتصادي الحاد والانخفاض البالغ في قيمة الليرة اللبنانية والتضخم ثلاثي الرقم إلى التأثير بصورة مذهلة على حياة الناس وأرزاقهم. فقد ارتفعت مستويات البطالة والهجرة ارتفاعا حادا والفقر .يسجل معدلات قياسية وشهدت إمدادات الخدمات الأساسية كالكهرباء والصحة والتعليم العام اضطرابا بالغا كما تعرضت برامج الدعم الاجتماعي الأساسية والاستثمارات العامة للانهيار. .بشكل عام، تراجعت قدرات الإدارات العامة بشكلٍ كبير ولم يعد بوسع البنوك توفير الائتمان للاقتصاد وباتت الودائع المصرفية غير متاحة غالبا للعملاء. إن تواجد عدد كببر من اللاجئين فاقم التحديات التي يواجهها لبنان.

ورغم فداحة الأوضاع، التي تستدعي تحركا فوريا وحاسما، فقد ظل التقدم المحرز محدودا نحو تنفيذ حزمة شاملة من الإصلاحات الاقتصادية التي نص عليها إتفاق على مستوى الموظفين ، على الرغم من بعض الجهود التي تبذلها الحكومة. وتتسبب هذه الحالة من اللافعل في الإضرار بشريحة السكان منخفضة الدخل إلى متوسطة الدخل أكثر من سواها وتؤدي إلى إضعاف إمكانات لبنان الاقتصادية على المدى الطويل. وأصبح لزاما على الحكومة والبرلمان والبنك المركزي (مصرف لبنان) سوياً اتخاذ إجراءات سريعة و حاسمة للتصدي للضعف المؤسسي والهيكلي طويل الأمد لتحقيق الاستقرار للاقتصاد وتمهيد الطريق أمام تعاف قوي ومستدام.

الاقتصاد لا يزال مكبلا بالقيود: بعد انكماش حاد بنحو 40% منذ بداية الأزمة، أخذت دلائل الاستقرار تظهر إلى حد ما على النشاط الاقتصادي في عام 2022، مدفوعة ببعض الانتعاش في مجال السياحة تقليص مديونية شركات القطاع الخاص واستمرار تدفقات تحويلات المغتربين الكبيرة التي دعمت الاستهلاك. ومع ذلك، فإن كثيرا من الاتجاهات العامة الاقتصادية لا تزال سلبية:

· فالتضخم أصبح في حدود ثلاث خانات، مدفوعا بالانخفاض الحاد في قيمة الليرة اللبنانية، مما يعكس عدم الثقة في النظام المالي اللبناني، والزيادات الكبيرة في المعروض النقدي، والآثار المتشابكة لتعاميم مصرف لبنان التي تفسح المجال أمام أسعار الصرف المتعددة والمراجحة بغرض المضاربة.

· وكان تداعي إيرادات الموازنة قد دفع إلى تنفيذ تخفيضات هائلة وغير منتظمة في الإنفاق العام إلى أدنى المستويات. ومع ذلك، تعتمد الحكومة على التمويل من البنك المركزي، ومراكمة المتأخرات، وبعض المساعدات من المانحين لدعم عجز الموازنة في حدود تزيد قليلا على 5% من إجمالي الناتج المحلي. وكان من الممكن أن يتجاوز العجز هذا المستوى، إذا تم إدراج العمليات شبه المالية العامة التي يواصل البنك المركزي تنفيذها – مثل توفير النقد الأجنبي بأسعار مدعومة.

· والقطاع المصرفي اللبناني يتعرض لضغوط هائلة في ظل تآكل مركز رأس المال والخسائر الدفترية الهائلة التي تلوح في الأفق.

· وبعد التحسن الكبير في عجز الحساب الجاري خلال 2020-2021، تشير التقديرات إلى أن عام 2022 شهد اتساعا كبيرا في العجز متجاوزا 25% من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يُعزى إلى ارتفاع أسعار النفط والغذاء وتسارع وتيرة الاستيراد التي سبقت عملية تصحيح متوقعة لأسعار الصرف للأغراض الضريبية. وأدى ضعف المركز الخارجي وقرارات السياسة النقدية المخصصة إلى تراجع مطرد في الاحتياطيات الأجنبية حتى بلغت 10 مليارات دولار أمريكي في ديسمبر 2022 (باستثناء الذهب)، مقارنة بمبلغ قدره 36 مليار دولار أمريكي قبل الأزمة.

لبنان يقف حاليا عند مفترق طرق خطير، وبدون الإصلاحات سريعة سيغرق في أزمة لا نهاية لها: 

من المتوقع أن تظل مستويات البطالة والفقر مرتفعة، مع استمرار تراجع الإمكانات الاقتصادية. ومن شأن بقاء الوضع الراهن أن يزيد تقويض دعائم الثقة في المؤسسات الوطنية والاستمرار في تأجيل الإصلاحات سيؤدي إلى استمرار القيود التي تكبح الاقتصاد، مع ما لها من تبعات على البلد ككل تصعب إزالتها، ولا سيما على شريحة الأسر منخفضة الدخل إلى متوسطة الدخل. ومع ازدياد الشعور بعدم اليقين سيزداد ضعف المركز الخارجي ويستمر نزيف الاحتياطيات الدولية الشحيحة لدى مصرف لبنان. وسيستمر هبوط سعر الصرف والتضخم المتزايد دون هوادة، مما يؤدي إلى تسارع مخاطر الدولرة النقدية المرتفعة بالفعل. وسيزداد الطابع غير الرسمي للاقتصاد أكثر، مما يقلص مجال تحصيل الضرائب ويفرض المزيد من القيود على الإنفاق من الموازنة العامة، مع زيادة مخاطر ترسخ الأنشطة غير المشروعة في الاقتصاد. وبدون الإقراربفجوة القطاع المصرفي الكبيرة والتصدي لها بمصداقية، لن يكون بوسع البنوك تقديم الائتمان الكافي لدعم الاقتصاد، وسيستمر تحمل صغار المودعين خسائر فادحة على مسحوباتهم بالنقد الأجنبي، بينما تظل الودائع المتوسطة إلى الكبيرة محبوسة إلى أجل غير مسمى. ومن جهة أخرى، من المتوقع أن تتسارع وتيرة الهجرة خارج البلاد، ولا سيما هجرة العمالة الماهرة، مما يزيد من إضعاف فرص النمو المستقبلية.

Related posts

المشاط تستعرض علاقات التعاون الاقتصادى مع مبادرة فريق أوروبا

عاجل| ڤاليو وبوسطة يتعاونان لتعزيز الحلول اللوجستية لأصحاب المتاجر الإلكترونية والأفراد

عاجل| المركزي المصري يوافق على إنشاء فرع لبنك استاندرد تشارترد فى مصر