ارتفع التضخم في مصر في السنوات الأخيرة، حيث وصل معدله إلى 40.4% بحلول أغسطس الجاري. وقد وصل معدل التضخم إلى أعلى مستوياته منذ عام 1990.
وعلى الرغم من الإجراءات النقدية التي اتخذها البنك المركزي المصري، في محاولة لامتصاص الارتفاعات في أسعار السلع، بما في ذلك رفع أسعار الفائدة ، فإن هذه الإجراءات لم تشهد نجاح ملحوظ بعد.
هناك عدة أسباب لعدم قدرة النظام الاقتصادي في مصر على السيطرة على التضخم. أحد الأسباب الرئيسية هو نقص النقد الأجنبي، حيث تعتمد مصر على الاستيراد وتحتاج إلى العملة الأجنبية لدفع قيمة السلع الأساسية مثل واردات الغذاء والطاقة. وأدى نقص النقد الأجنبي إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الواردات بصورة كبيرة.
سبب آخر لارتفاع الأسعار هو زيادة الطلب المحلي. في السنوات الأخيرة، ارتفع الدخل الشخصي القابل للإنفاق والإنفاق الحكومي، مما أدى إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات. وتؤدي هذه الزيادة في الطلب إلى الضغط على الأسعار. وبصرف النظر عن نقص النقد الأجنبي وارتفاع الطلب المحلي، هناك عوامل أخرى ساهمت في ارتفاع الأسعار في مصر، على سبيل المثال.
• تعطل سلاسل الإمدادات : أدت جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية في أوكرانيا إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية، مما جعل الإنتاج والنقل صعبًا ومكلفًا، وهذا أدى إلى ارتفاع الأسعار.
• ضعف أسعار الصرف: انخفض الجنيه المصري بشكل حاد مقابل الدولار الأمريكي، وهذا ما جعل الواردات أكثر تكلفة، كما اثر بشدة على القوة الشرائية للأفراد .
• الدعم الحكومي: تقدم الحكومة المصرية الدعم لعدد من السلع والخدمات، بما في ذلك الغذاء والطاقة. وقد ساهم هذا الدعم على خفض الأسعار، لكنه شكل أيضًا ضغطًا على الموازنة العامة للدولة.
ويواجه البنك المركزي تحديا كبيرا في محاولة احتواء التضخم دون قيام الحكومة بترشيد مخصصات الدعم . وعلى الرغم من أن رفع أسعار معدل الفائدة يمكن أن يعمل على إبطاء الاقتصاد وتخفيض التضخم، ولكنه قد يجعل أيضًا الاقتراض والاستثمار أمراً صعبا و مكلفاً على الأفراد و الشركات وبالتأكيد الحكومة التي تعتبر أكبر المقترضين لتمويل العجز في الموازنة.
في النهاية، يعد التضخم في مصر مشكلة خطيرة لها أسباب عديدة. ومن الخطأ الاعتقاد أن السياسة النقدية وحدها تستطيع حل مشكلة التضخم. لذلك يتعين على الحكومة أن تتبع إجراءات شاملة لمعالجة الأسباب الكامنة وراء التضخم، بما في ذلك نقص النقد الأجنبي وتعطل سلسلة التوريد.