قبضة الدولة والأزمة الاقتصادية

ايمن الشندويلي

مصر، مثل غيرها من الدول التي تعاني مشاكل اقتصادية، ولكن مصر، ليست مثل غيرها فى معالجة الأزمات التى تمر بها، فمصر بإمكانياتها، وقوتها، وثقلها، أكبر من أن تنهار أو تفلس؛ لكنها تحتاج لإدارة قوية وقبضة حديدية من الأجهزة المعنية بداخلها لضبط حركة الأسواق، وإنهاء الأزمات.

وللعجب فإن أزمة الدولار ليست حقيقية ولكنها مفتعلة وتركت بلا خطة علاج فأصبحت قنصا سهلا للمضاربين، فالدولار كان سعره فى البنوك قبل الخفض الأخير فى منطقة ال 18 إلي 19 جنيها، يتراوح قروشا بين بنك وآخر، وفي السوق الموازية أو كما يطلق عليها ( السوق السوداء )، فكان سعره يتراوح بين 21 إلي 23 جنيها على أكثر تقدير.

وعندما طلب من مصر، فك الارتباط بين الجنيه والعملات الأجنبية وترك السوق حرا، لم تفكر إدارة الأزمة بالتصرف الذى يجعلها تستفيد من القرار قبل تنفيذه، ولكن لأن الرؤية غائبة وحسن الإدارة منفرط العقد، فتم خفض سعر الجنيه المصري ورفع سعر الدولار الامريكي إلي ما يزيد عن 24 جنيها وهو رقم أعلى بكثير من السوق السوداء وقتها، فكانت المضاربات على الدولار في السوق الرسمية، بين البنوك وبعضها البعض للوصول إلي الرقم المستهدف.

وانتظر تجار السوق والمضاربون حتى تنتهي البنوك من مزاداتها لشراء الدولار بأعلى الأسعار، وبقى الجميع خارج فلك البنوك والقطاع الرسمي، مراقبون لحين الانتهاء والتوقف من المزادات البنكية، وبالفعل توقفت المضاربات البنكية، وبدأ تجار العملة الكبار المضاربة الأعلى حتى وصل الدولار الآن إلي أكثر من 34 جنيها لكل دولار، في الوقت الذي يقوم به صبيانهم وغيرهم من كارهي الوطن بشراء الدولار والعملات العربية والاجنبية من المصريين العاملين بالخارج باسعار السوق السوداء حتى لا تدخل في المظلة الرسمية ومن خلال قنواتها الشرعية عبر البنوك والقطاع الرسمي، وذلك حتى تستمر الأزمة ويحققون المزيد من المكاسب على حساب ملايين المصريين.

ربما نجد زيادة كبيرة في سعر الدولار امام الجنيه المصري، خلال الأيام المقبلة وقد يصل سعره إلي 40 جنيه لكل دولار، في حالة استمرار التعامل مع الأزمة الحالية بنفس الطريقة دون تغيير، خاصة مع حالة الرخوة التى نعيشها إداريا، فإدارة الأزمة بلا رؤية، والسوق حر طليق مفتوح الذراعين ليحتضن من يضارب، ويضر بسمعة مصر ومصالحها، والغالبية تعمل للأسف لمصالحها الشخصية، بلا وعى أن هناك أكثر من 100 مليون يعانون معاناة شديدة بعد أن وصل التضخم على السلع الأساسية مثل الطعام حسب تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء حوالى 31%.!!

ولم يدرك أحدا حجم الخطر الداهم الذى يمكن أن يتعرض له الجميع بالسكوت والتسكين على الورق وأمام الشاشات والبيانات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع بطون ملايين فاض بها الكيل.

نعم تركنا الساحة المصرية للعبث بأمننا القومى، وهو الاقتصاد للمضاربة فى الدولار والذهب والرفع العشوائى للسلع، وباتت الرقابة فى تقارير ترفع للمسئولين.

أزمة مصر الحقيقية فى قبضتها الحديدية، وأن يكون لهذه القبضة رؤية ونظرة وخطة تعمل بها، وإذا لم نسرع في ذلك سنخسر كثيرا.

Related posts

المشاط تستعرض علاقات التعاون الاقتصادى مع مبادرة فريق أوروبا

عاجل| ڤاليو وبوسطة يتعاونان لتعزيز الحلول اللوجستية لأصحاب المتاجر الإلكترونية والأفراد

عاجل| المركزي المصري يوافق على إنشاء فرع لبنك استاندرد تشارترد فى مصر